الاثنين، 16 ديسمبر 2019

السودان جذور المشكلة وتداعيات الانفصال

السودان جذور المشكلة وتداعيات الانفصال
الحديث عن تقسيم السودان أصبح حديث الصباح والمساء ... السودان يقسم وقد يأتي يوما يكون فيه السودان الموحد مجرد صفحات في كتب التاريخ وخريطة كتب عليها السودان سابقاً .
حقيقة لم يحظ السودان منذ استقلاله بالاستقرار السياسي إذ رافق قيام الدولة تنامي الحركات الراغبة في الاستقلال خاصة الجنوب بسبب القهر والظلم الاجتماعي واحتكار المركز للثروة والسلطة ولكن ما زاد الطين بلة أن كافة القوى السودانية في حالة تنافر وتصادم والوطن يتمزق ويتمفصل بعدد دخوله دوامة من الحرب في كافة أوصاله الجنوب والشمال والشرق والغرب ... فهناك أكثر من  حركة تمرد تسعى جميعها للانفصال وتكوين كيانات مستقلة هذا في الوقت الذي ما زالت فيه الرؤية الحزبية الضيقة والمصالح الشخصية تضع مصالحها فوق مصالح الوطن والمأساه بدأت مع الجنوب الذي يستعد لإعلان انفصاله عن السودان .... ولا خلاف على أن السودان يمر بمرحلة فارقة في تاريخه منذ حصوله على الاستقلال عام 1956 وما نراه الآن في السودان من أحداث يؤكد على أن هذا القطر يسير سريعا نحو المجهول بأيدي نفر من أبنائه  يتآمرون على وحدته من منطلق شهوة السلطة وهي امنية القوى الخارجية التي تحاول من جانبها زعزعة استقرار هذا البلد وها هم أبناء السودان يتسابقون ويتنافسون على دق مسمار في نعش وطنهم والملاحظ للشأن السوداني يرى بأم عينه أن إرهاصات التقسيم وانفصال الجنوب ماثلة للعيان تحت سمع وبصر أبناء الشمال الذين أعماهم حب السلطة وتصفية خلافاتهم مع الحزب الحاكم إلى السير في ذات الاتجاه الذي يسير فيه الجنوبيون ويعرض الدكتور شرف الدين ابراهيم باتقا المشكل السودانى ويشير الى ان السودان منذ تكوينه وتأسيس اقاليمه يحمل فى دواخله عناصر متضادة وقوى متصارعة كونه يذخر بالتنوع والتعدد ، فهو متعدد الاعراف واللغات والثقافات والاديان علما بان الدين الاسلامى يعتنقه الغالبية العظمى من سكانه – كما ان اقاليمه الادارية وبحدوده الجغرافية المعروفة تختلف بمياتها الطبيعية وتعدد مناخاتها وتتنوع مواردها الاحيائية والايكولوجية ، فتوجد فيها المناخات الصحراوية ومناخات السافانا والمناخات الاستوائية ، وكذلك تنوع مواردها المائية والطبيعية والمعدنية
وليس بالضرورة ان يكون هذا التباين ذا اللونية مصدر شقاق وخلاف بل من الممكن أن يكون مصدر قوة واثراء متى ماتكاملت وانتقلت عناصره ، غير ان الطريقة التى تعامل بها السكان مع بعض جعلت من هذه اللونية الزاهية مصدرا للتنازع والصراع خاصة بعد ان اجج المستعمر نيرانها باشاعة مفاهيم خاطئة عن ثقافة اهل الشمال وبتصوير المواطن الشمالى انه مستغل لاخيه الجنوبى – هذا من ناحية ومن ناحية اخرى عمد المستعمر على وضع حاجز بين الشمال والجنوب من خلال سياسة الاراضى المقفولة والتى صدرت فى قانون المناطق المقفولة لعام 1922 .
والواقع أن السودان يمر بأزمة عميقة فهناك قلاقل واضطرابات واقتتال وتنازع على السلطة وحراك اجتماعي (شعبي / حزبي) والدولة تتمزق بين كتل من العقائد الحزبية المتناقضة وقوى العصيان المتأججة وأوجاع الماضي المتربصة هناك بلاشك تطورات عميقة يشهدها السودان تتأرجح فيها التحالفات بين هذا وذاك (القوى السياسية)  وما يبدو على السطح يشير إلى عمق الأزمة ويتطور بسرعة مذهلة ولعل ما يروع أن السودان يتعرض لمؤامرة ثنائية الأبعاد .
بعدها الأول داخلي .. ويتمثل في ما يمكن أن نسميه الغباء السياسي للحزب الحاكم القابع على سده الحكم محتكراً للعمل السياسي ولا يفتأ أن ينكل بمعارضيه من القوى السياسية الأخرى فهو حزب قام على أنقاض أفكار سلفية جامدة وما زال يعارض كل المطالب الداعية إلى تقاسم الثروة والسلطة وهناك تنافر وتباغض بين الأحزاب واتهامات بالجملة لبعضها وللحزب الحاكم              وهذه الأحزاب ذاتها لا تخرج عن كونها أحزاباً أو ليجاركيه دوجماطيقية متناقضة في مبادئها ومختلفة في برامجها وهدفها ليس الحفاظ على السودان موجوداً بل فقط اقتسام كحكة الحكم والسلطة وقد لعب التناحرالسياسي الشرس بين الأحزاب للوصول إلى السلطة والاستناد بها دوراً في زيادة حدة الصراع وانتقال ذلك على مستوى التعامل في كل ربوع السودان فضلاً عن عوامل ساهمت بقدر كبير فيما وصل إليه السودان من ترنح  /
إسناد الوظائف الهامة على كافة المستويات الإدارية والسياسية والعسكرية والاقتصادية على عدد محدود من أبناء الشمال مع تهميش الأعراق الأخرى وكان هدف الحكومة المركزية الدائم أضعاف القوى الأخرى المنافسة التي ترى منها أنها تمثل تهديداً لها .
التسلط وطغيان الحاكم المستبد وتعدد ولاءاته وتحالفاته وفقاً للظروف فعلى سبيل المثال بدأ النميري يسارياً ثم انتهى به الأمر يمينياًُ مارا عبر بوابة التيارات الدينية وخلال التنقل من قوة سياسية لأخرى كان يمارس كل انواع التصفيات الجسدية والمعنوية للمعارضين .
عدم العدل في توزيع الناتج القومي للبلاد بين الأقاليم مما زاد من الفقر والتهميش لأقاليم دار فور ومناطق البجة والجنوب لصالح الوسط والشمال وقد عمق هذا من الإحساس بالقهر والظلم لدى مواطني هذه المناطق وساهم بقدر كبير إلى وصول البلاد إلى هذه الحالة من الاحتقان .
الاستعلاء والفصل العرقي والديني والثقافي الذي مارسته السلطة المركزية من ابناء الشمال ضد الأطراف ( الاقاليم ) مما ساهم في تأجيج الثورة والخروج عن طاعة المركز .
لقد فشلت كل الحكومات السودانية التي تعاقبت على الحكم في إيجاد حلول ناجعة للسودان وظلت تلك الحكومات تعمل على تأمين مصالحها الفئوية الضيقة وكان للتركيبة الانتهازية التوافقية بين الأحزاب الدور الرئيسي إلى عدم النجاح في الوصول بالسودان إلى بر الأمان بل كان الصراع المحتدم والمتكالب على الوصول إلى السلطة والحصول على مغانم إلى تفعيل وتأزيم الصراعات وفتح الباب أمام التدويل والتدخل في الشئون الداخلية .
فشل الأحزاب والفعاليات السياسية السودانية في معالجة أوجاع البلاد وكما تركت قضية الجنوب بدون حل تركت أيضاً قضية دار فور بدون حل وذلك بنذر بعواقب وخيمة قد تصل إلى فصل هذه المنطقة عن السودان ثم يأتي بعدها الدور على الشرق ... ولم يكن لأي من الأحزاب القدرة على وضع تصور لحل القضايا المتعلقة بتطوير وتحديث المجتمع وتحقيق العدالة الاجتماعية .
أما البعد الخارجي للمؤامرة ففي رأيي يتمثل فيما يلي :-
الصراع الأمريكي الفرنسي لاقتسام مناطق نفوذ جديدة بالقارة ويأتي السودان على رأس المناطق المستهدفة باعتباره جسر التواصل بين العالم العربي وأفريقيا ولا خلاف على أن القوى الغربية تعمل منذ زمن على فك ارتباط العرب بأفريقيا ـ زد على ذلك الأطماع الغربية في ثروات أقليم دار فور الذي يقال أنه يقوم على بحر من النفط وبداخله احتياطيات هائلة من اليورانيوم وغيره من المعادن النادرة .
رغبة الدوائر الاستعمارية فى تفتيت السودان امتداداً للسياسة التي تنتهجها القوى التي كانت مستعمرة للقارة الأفريقية ويقول د. جمال حمدان في كتابه استراتيجية التحرر والاستعمار أن ظاهرة التفتيت السياسي ظاهرة صاحب التحرر حيث لجأ الاستعمار عامداً قبل خروجه إلى تفتيت مناطقه السابقة ميكروسكوباً وفي أفريقيا بالذات تفتيتياً ذرياً حتى يترك وراءه نسيجاً متهالكً أقرب إلى الأمثولة والأعجوبة منه إلى الكيان الجيوبوليتيكي الصحي السليم وهو ما نراه اليوم على الساحة السودانية .
ضرب التيارات السلفية التي يحتضن السودان بعضاً منها وتحظى بمساندة نظام الحكم ومن ثم يساند العرب دعاة الانفصال كرد فعل انتقامي .
الصراع الأمريكي الصيني على ثروة السودان وقيام الولايات المتحدة لاستحالة القيادات الجنوبية للحصول على امتيازات في مناطق الجنوب التي ثبت أنه تقوم على بحر من النفط في الواقع أنها نجحت في ذلك .
التحرك الاسرائيلى فى عمق القارة الافريقية والتركيز علي تأجيج الفتنة بين الاعراق ومد الفصائل المتمردة بالمال والسلاح الخبراء لتحقيق اهدافها فى الحصول على الخامات والمواد الاولية وفتح الاسواق فضلا عن تخفيف الضغط الواقع عليها من قبل بعض النظم ومنها السودان ... كما ان اسرائيل لا تخفى اطماعها فى مياه النيل  .
وهى بذلك تساند الجنوبيين وتدعم رغبتهم فى الانفصال لزيارة الضغظ على مصر من ناحية ولمواجهة حالة الفقر المائى الذى تعانى منه 
مشكلة الجنوب ـ البداية
يتمتع أقليم جنوب السودان بأهمية استراتيجية واقتصادية جذبت اهتمام دول الغرب الاستعمارية للسيطرة عليه وذلك منذ أواخر القرن التاسع عشر بعد فتح السودان عام 1898 من خلال حملة انجليزية مصرية مشتركة وقد استأثر الإنجليز بالأقاليم الجنوبية للسودان ولديهم النية المبيتة لفصل جنوب السودان عن شماله وأبدوا نشاطا ملحوظا في حث الجنوبيين على الانفصال بوصفه مطلباً سياسياً شعبياً من الجنوبيين خاصة منذ استقلال السودان عام 1953 وحصوله على حق تقرير المصير وحتى بعد انسحاب القوات البريطانية فقد تركت خلفها مشروع الانفصال للجنوبيين بدعوى حاجة الشعب الجنوبي للاستقلال ما حدا بهم للتمرد عام 1955 وبدأت قضية الصراع بين الشمال والجنوب وتصاعدت المواجهة عام 1962 بعد تشكيل حركة أنيانيا وبعد اتخاذ الشمال مجموعة من القرارات والإجراءات عام 1964 للحد من النشاط التبشيري المسيحي في الجنوب وقد تداخل الصراع السياسي مع الصراع العسكري بين الشمال والجنوب في محاولة لحل القضية بواسطة الحكومات السودانية المتعاقبة التي تمكنت من عقد العديد من الاتفاقيات مع الجنوبيين إلا انها فشلت في الوصول إلى اتفاق يقبل به الطرفان إلا ان تلك الإمكانيات أوجدت قاعدة أمكن الارتكاز عليها لتحقيق بعض التقدم فيما بعد .
االموقع الجغرافي :- يقع الجنوب السوداني بين دائرتي عرض 3.30،ُُ10 شمالا وهو موقع مغلق لا يطل على أي سواحل بحرية .
يبلغ مساحة جنوب السودان حوالي 700 ألف كم2 ما يعادل 28% من المساحة الكلية للسودان البالغة 2.5 مليون كم2 وللجنوب حدود تمتد إلى 2000كم تقريباً مع خمس دول هي أثيوبيا وكينيا وأوغندا والكونغو وأفريقيا الوسطى.
وتشكل المراعي 40% من الجنوب السوداني والأراضي الزراعية 30% بينما تشغل الغابات الطبيعية 23% والسطوح المائية 7% من جملة المساحة .
يكتسب جنوب السودان أهمية خاصة فيما يتعلق ببعد الأمن القومي للسودان حيث يشارك في تأمين الحدود الجنوبية مع خمس دول جوار جغرافي هي :
شرفاً : جمهورية إثيوبيا الديموقراطية وإريتريا
جنوباً :كينيا وأوغندا وجمهورية الكونغو الديموقراطية .
غرباً : جمهورية أفريقيا الوسطى
ويبلغ طول حدود السودان مع تلك الدول الآتي :
إثيوبيا وإريتريا : 1606كم
كينيا : 232 كم .
اوغندا : 435كم
جمهورية الكونغو الديموقراطية : 628  كم
أفريقيا الوسطى : 1165 كم
التقسيم الإداري :
ينقسم الجنوب السوداني إدارياً إلى عشر ولايات هي ولاية أعالي النيل وجونجلي والوحدة وهذه الولايات الثلاث كانت تسمى من قبل بأقاليم أعالي النيل وولاية البحيرات ووارب وشمال بحر الغزال وغرب بحرالغزال وتشكل هذه الولايات الأربع ما كان يعرف من قبل باسم اقليم بحر الغزال اما الولايات الثلاث اخرى فهي ولاية غرب الاستوائية سابقاً وتضم الولايات الجنوبية العشر هذه اكثر من 30 محافظة
السكان
ينتسب سكان جنوب السودان إلى العرق الزنجي ويقال إنهم نتاج من هجرات حدثت من جميع أرجاء أفريقيا الاستوائية إلى تلك البقاع مكونين ذلك العنصر البشري وهناك اعتقاد أن بعض قبائل الجنوب مثل الشيلك مزيج من العرب والزنوج كما أن هناك من يعتقد أن قبيلتي الدينكا والنوير بهما دماء عربية ويختلف جنوب السودان عن الشمال في أنه لا تسود بين قاطنيه حضارة متجانسة لذا صنف علماء السلاسلات سكان الجنوب لغويا إلى مجموعات حضارية حتى أن بعض علماء الاجتماع يرون أنه من الصعب وضع تقسيم مقبول لحضارات السودان (الوثني) .
هذا ولا توجد إحصاءات دقيقة عن عدد سكان جنوب السودان فتقدر ويكيبديا الموسوعة الحرة عدد السكان وفقاً لإحصاء 2006 ما بين 7.5 ـ 9.7 مليون نسمة أما إحصاء 2008 وهو إحصاء مشكوك في صحته فتقدر الموسوعة العدد بنحو 8.3 مليون نسمة وفي راينا أن عدم دقة هذه الإحصاءات يرجع إلى أن القبائل السودانية لا تهتم كثيراً بقيد مواليدها فضلا عن الهجرات المستمرة من الجنوب للشمال وانطواء عدد كثيرمن النازحيين حق ضمن إحصاءا ت سكان لشمال فضلاً عن تداخل بعض الشماليين ضمن تعداد الجنوبيين .
وتشير الإحصائيات إلى أن في جنوب السودان 572 قبيلة وأكثر من مائة لغة متداولة ويضم جنوب السودان ثلاث مجموعات سلالية رئيسية هى /
أ. النيليون : وهم من قبائل الدينكا والشلك والنوير والأنواك في أعلي النيل .
    ب. النيليون الحاميون : وهم من قبائل الباريا والديونقا والبويا والتبوسا واللاتوكا 
        والمورلي ويسكن معظم هؤلاء في الضفة الشرقية من الاستوائية – وقد تم تسميتهم بالنيليين الحاميين نظرا لوجود سمات مشنركة بينهم والنيليون من حيث السلالة واللغة والنشاط الاقتصادى
ج. المجموعة السودانية أو السودانيون : ويتمثل هؤلاء في مجموعات قبلية صغيرة متفرقة أهمها : قبيلة الزاندي ويعيشون في الجزء الغربي من الجنوب الغربي للاستوائية .
وهناك قبائل كثيرة تعتبر خليطاً من الأنواع الثلاثة النيليون والنيليون الحاميون والمجموعة السودانية مثل قبائل المورو والفوجلو واللالوبا .
أهم القبائل الجنوبية 
قبيلة الدينكا :-
تعتبر قبيلة الدينكا أكبر قبائل الجنوب عدداً حيث يقدر عددها بنحو 3 مليون نسمة  وهم موزعون بين مديريتي بحر الغزال وأعالي النيل وان كانو يتمركزون في مديرية بحر الغزال بنسية أكبر .
وتعتبر الدينكا أكثر قبائل الجنوب تحضراً وتتجمع حولها قبائل أخرى نظراً لامتلاكها القدرة والقوة ترفض القبيلة مبدأ تقسيم جنوب السودان إلى مديريات لأنه يفتت من قوتها ويقلص من مناطق نفوذها وسيطرتها ومن أهم بطون الدينكا النجوك وأبوك وآدوت واليتكايور ومن أهم شخصيات هذه القبيلة خون جارنج مؤسس الحركة الشعبية لتحرير السودان .
قبيلة النوير:-
تأتي قبيلة النوير بعد قبيلة الدينكا من الناحية العددية ويقارب عددها النصف مليون نسمة معظمهم في أعالي النيل ويحتلون إقليم المستنقعات والسدود على جانبي بحر الجبل الأدنى ساهم وجودها في المنطقة التي يعيشون فيها إلى ابتعادهم وعزلتهم حيث تغرق المستنقعات أراضيهم في موسم المطر بينما تصبح أشبه بالصحراء في فصل الجفاف لذا عاشوا في شبه عزلة وقد أدى عاملاً التمركز والنشاط إلى وجود احتكاكات مباشرة بينها وبين قبيلة الدينكا مما جعلها خصماً ونداً لها ومن أهم شخصياتها رياك مشار أحد أهم قادة الحركة الشعبية . .
قبيلة الشلك :-
يبلغ تعداد الشلك حوالي 200 ألف نسمة يعيش جزء منهم في شريط على الضفة الغربية للنيل الأبيض من كاكا في الشمال إلى بحيرة نو في الجنوب ويحتلون كذلك الضفة الشرقية منكدوك إلى التوفيقية كما تمتد قراهم لمسافة 40 كم على الضفة الشمالية للسوباط وتحكم وقبيلة الشلك من خلال  نظام سياسي مركزي تحت قيادة ملك أو سلطان ومن أهم شخصياتها لام اكول .
اللغة :-
يصل عدد اللهجات في الجنوب إلى حوالي 12 لغة وأكثر من 250 لهجة محلية ثانوية إلا أن واحدة منها لم تفرض نفسها كلغة أساسية وعلى الرغم من أن الانجليز فرضوا الحظر على اللغة العربية الدارجة إلا أنها أكثر اللغات انتشاراً في الجنوب على الرغم من سياسة بريطانيا التي وجهت أساساً لمحاربة اللغة العربية وعملت على تهيئة موظفين لا يتكلمون العربية ، وأن تكون الإنجليزية هي لغة الإدارة والاتصال بين الجنوبيين أنفسهم حتى يقضي على اللغة العربية تماماً .
الأوضاع الاقتصادية في الجنوب /
هناك فجوة كبيرة بين الشمال والجنوب الأشد فقراً وتخلفاً وقد وسعت السياسة الفجوة بالإدعاء أن مشروعات التنمية في الجنوب باهظة التكاليف وكان أول مشروع أقيم في الجنوب عام 1934 وهو مشروع الزائدي الزراعي في أوغندا وعد هذا المشروع تجربة لإحداث أكبر تغير اجتماعي لقبيلة من القبائل الوسطى في أفريقيا بهدف الاستفادة من الثروات المحلية الطبيعية ، وتحقيق الاكتفاء الذاتي لها وقد هدف المشروع إلى إقامة بعض الصناعات مثل المنسوجات القطنية والصابون والسكر إضافة إلى زراعة البن والزراعات الغذائية التقليدية .
الثروة المعدنية / وهي أحد أهم مطامع القوى العالمية في السودان حيث تتوافر العديد من الثروات المعدنية الطبيعية كالنحاس والذهب والحديد فضلاً عن النفط
الثروة الحيوانية :-
يعتمد السكان في الجنوب على حرفة الرعي التي تتمثل في تربية الماشية(الأبقار) والأغنام والماعز حيث تنتشر حشائش السافانا وتغطي مساحة كبيرة من السهول ولكن أهمية هذه الثروة تقل في معظم المديرية الاستوائية وجزء من مديرية بحر الغزال نظراً لوجود مساحة تقرب من ثمانين ألف ميل مربع موبوءة بذبابة التسي تسي .
الصناعة :-
تقوم الصناعة في الجنوب على بعض الصناعات الصغيرة التي أنشئت منذ زمن بعيد ومعظمها زراعي في مظهره مثل النسيج والغزل اليدوي ودباغة جلود الأغنام والماعز وصناعة الفخار البدائي ومعظمها صناعات يدوية أما الصناعات الحديثة بالإقليم فهي محدودة للغاية وأهمها الصناعات الغذائية (مصنع التعليب بواو) .
الزراعة :-
تأتي الزراعة ـ في المرتبة التالية للرعي على الرغم من وفرة الأمطار وعدم الحاجة للري ولكن ندرة الأيادي العاملة واحتقار مهنة الزراعة ودرجة الرطوبة العالية خاصة في شهور الصيف مما يتلف الحبوب المخزنة تقليديا  . 
النفط في جنوب السودان
في عام 1978 اكتشف النفط بكميات تجارية في أحد الآبار شمال مدينة باتنيو وكان من النوع الجيد واختلفت الحكومة المركزية والإقليم الجوبي وشركة شيفرون حول تسمية البئر واتفق في النهاية على تسمية هذه الآبار آبار الوحدة وسمى الحقل الذي توجد به باسم حقل الوحدة .
ووفقاً لصادر البنك الدولي فالسودان يأتي كثالث دولة مصدرة للنفط في أفريقيا جنوب الصحراء وتمثل عوائد 98% من قيمة واردات حكومة جنوب السودان ... وتقدر احتياطات النفط عموماً بحوالي 6 مليارات برميل قابلة للنمو وتتركز هذه الاحتياطيات في الجنوب أو على الحدود بين الشمال والجنوب في منطقة اببي المتنازع عليها ولا شك ان البترول سيظل على رأس قائمة الأسباب التي تدفع بالقوى الاقتصادية العالمية لتأييد انفصال الجنوب .
السياسة البريطانية .... وفصل الجنوب
يشير الأستاذ الدكتور يونان لبيب رزق في دراسته بعنوان "مشكلة الجنوب أصل النشأة الأولى المنشورة على موقع المعرفة في 3/1/2004 إلى ركائز السياسة البريطانية حول الجنوب وذلك على النحو التالي /
بعد قيام الحكم الثنائي (المصري البريطاني ) في السودان عام 1899 قامت سياسة حكومة الخرطوم التي كان يسيطر عليها تجاه جنوب السودان على ركيزتين /
إضعاف الوجود الشمالي في الجنوب تحت ذريعة أن هذا الوجود يمكن أن يتسبب في اضطرابات إذ أن أبناء المديريات الجنوبية لا ينظرون إلى الشمالي إلا من خلال الذكريات القديمة الاليمة حين كان يعمد أبناء الشمال إلى استرقاق الجنوبيين مما دعا الأخيرين إلى توصيف الأولين بالجلانة .
إضعاف الثقافة العربية سواء بإحلال الإنجليزية محل العربية كلغة عامة أو بتشجيع انتشار اللهجات المحلية وتحويلها إلى لغات مكتوبة ومنع انتشار الإسلام هو الأمر الذي تكلفت به الإرساليات التنصيرية التي أطلق لها حرية العمل الديني في الجنوب على عكس الشمال حيث قيدت هذه الحرية بميادين التعليم والخدمات الصحية .
وتأسيساً على هاتين الركيزتين ـ يميز الكاتب بين ثلاث مراحل بين عامي 1899 و 1956 في السياسة البريطانية تجاه جنوب السودان .
مرحلة تمهيد الأرض ( 1899 – 1919 )
كان 1910 نقطة البدء في الاتجاه نحو تطبيق السياسة البريطانية لفصل جنوب السودان عن شماله لسببين :
إقامة إدارة فعالة في تلك المناطق الشاسعة (أعالي النيل ، بحر الغزال ، منجالا) ـ كان قد تم إنجازه خلال السنوات العشر السابقة ، وقد استعانت السلطات البريطانية بوسائل متعددة لتحقيق ذلك مثل : تخويل زعماء القبائل بعض الصلاحيات الإدارية ، الاستعانة بالإرساليات التنصيرية لتنفيذ ما أسموه "تمدين البشر" .
تم خلال العام المذكور انتقال حاجز اللادو من إدارة حكومة الكونغو إلى إدارة حكومة السودان البريطانية ونشأ خلاف بين الإبقاء على يوم الأحد كأجازة أسبوعية إلا أن السلطات المحلية في المديريات الجنوبية خشيت رد فعل الشماليين المسلمين المقيمين في الجنوب على اتخاذ مثل هذه الخطوة .
التخلص من الوجود العربي :-
كان الوجود العربي الإسلامي في المديريات الجنوبية يتمثل في ثلاث مجموعات /
قوات الجيش المصري المعسكرة في الجنوب .
الموظفون المصريون والسودانيون ممن كان يحتاج إليهم دولاب الإدارة في الجنوب .
التجار الشماليون الذين كان يعمل بعضهم لحسابه الخاص والبعض الآخر لحساب بيوت تجارية في الشمال .
وللتخلص من تهديدات قوات الجيش المصرى المعسكرة فى الجنوب أوصي حاكم منجالا في مارس / 1911 باتخاذ ما يؤدى الى تجنيد السودانيين الجنوبيين وتشكيل ما يعرف بالفرقة الاستوائية وانتهى الأمر بخروج آخر جندي من القوات السودانية الشمالية من الجنوب فى ديسمبر /1917 ولم يمض أكثر من شهر حتى تم الاعتراف بيوم الأحد إجازة اسبوعية .
كما سعت الحكومة الإنجليزية في السودان إلى استبدال المسلمين الشماليين بجنوبيين وقدمت كل التيسيرات لإلحاق الجنوبيين بالمدارس الحكومية ولكن بدون جدوى الأمر الذي دفعهم في نهاية الأمر لأن يتركو تلك المهمة للإرساليات التنصيرية كما فرضت اللغة الإنجليزية في التعليم .
كما تم التخلص من التجار الشماليين والذين وصفهم البريطانيون بالمغتصبين غير المرغوب بعودتهم إلى الجنوب .
مرحلة بناء الأسوار
فرضت ثورة 1919 في مصر تغييرات هامة على السياسة البريطانية في السودان ، خاصة في الجنوب الذي كان موضع اهتمام لجنة ملنر التي جاءت للتحقيق في أسباب الثورة وخصت جنوب السودان بثلاث مذكرات :
الأولى بتاريخ 15 فبراير / 1920 بعنوان اللامركزية في السودان بهدف فصل الزنوج عن الأراضي العربية يمتد من الشرق إلى الغرب ويسير مع أنهار بارو  والسوباط والنيل الأبيض وبحر الجبل .
رأت المذكرة الثانية التي أعدتها حكومة السودان أنه فيما يخص الزنوج فهي على استعداد لقبول اندماجهم في حكومات أملاك أفريقيا أخرى مثل أوغندا وشرق أفريقيا وإقامة اتحاد لوسط أفريقيا تحت الإدارة البريطانية يضم بالطبع زنوج السودان .
آخر هذه المذكرات وأكثرها صراحة كتبت يوم 14 مارس 1920 وجاء فيها بالنص إن سياسة الحكومة هي الحفاظ بقدر الإمكان على جنوب السودان بعيداً عن التأثير الإسلامي ففيه يتم توظيف المأمورين السود وعندما تقتضي الضرورة إرسال كتبة من المصريين يختارون من الأقباط وأصبح يوم الأحد هو يوم العطلة بدلا من يوم الجمعة وأخيراً تشجيع المشروعات التنصيرية .
بعد شهور من إصدار الحكومة البريطانية لتصريح 28 فبراير / 1922 الذي اعترفت فيه باستقلال مصر وفي سبتمبر من ذات العام صدر قانون الجهات المغلقة الذي تضمن جدولا ً بجهات معنية تشمل مديرية بحرالغزال ومديرية منجالا والسوباط ومركز بيبور شرقاً إلى حدود المديرية تقرر أنه لا يجوز لأي شخص من غير أهالي السودان أن يدخلها ويبقى فيها إلا إذا كان حاملاً رخصة بذلك ويجوز للسكرتير الإداري أو مدير المديرية منع أي شخص من أهالي السودان من دخول تلك الجهات أو البقاء فيهاوقضي هذا القانون بما يلي/
الفصل التام بين السكان الشماليين والجنوبيين وبحيث لا يجمع بينهما جامع
تشجيع استخدام اللغة الانجليزية للتخاطب بين الجنوبيين
محاربة الاسلام واللغة العربية وعدم استخدام الاسماء العربية والعادات العربية بما فى ذلك الزى الشمالى
تشجيع التجار الاغاريق والتجار من جنسيات مختارة للعمل فى الجنوب
  واستكمالا لكل هذه الأفعال فقد أوصي الساسة البريطانيون من خلال عدد من المذكرات تتضمن مايلي / .
تشجيع الموظفين في المديريات الجنوبية على تعلم اللهجات المحلية ونشر بعض المجموعات اللغوية .
محاربة اللغة العربية وتشجيع استخدام اللغة الإنجليزية بدلا منها .
بذل الجهود لمواجهة الاحتياجات التعليمية المتزايدة في المديريات ويمكن تحديد هذه الاحتياجات بتدريب عدد مناسب من الصبيان للخدمة في الإدارات الحكومية ويسمح في نفس الوقت لمدارس الإرساليات القائمة بالاستمرار في عملها .
وقد أقرت الحكومة البريطانية المذكرة مع اختلافات بسيطة في الوسيلة لا الهدف
رأى البريطانيون اقتصار هذه التوصيات على الجمعيات التفيذية مع زيادة المعونة الحكومية لها .
على ضوء هذه الأفكار وضع الحاكم العام للسودان آنذاك خطة للتنفيذ ذات أربعة جوانب /
تشغيل الموظفين من غير المسلمين في الإدارة بهيئاتها الكتابية والفنية  .
الإصرار على تعليم الموظفين البريطانيين معتقدات وعادات ولغات القبائل التي يقومون بإدارة مناطقها .
التحكم في هجرة التجار الشماليين .
سياسة تعليمية محددة وهو الجانب الذي لقى عناية كبيرة على اعتبارها حجر الزاوية في سياسة لا تعريب جنوب السودان .
جانب آخر من جوانب هذه السياسة يعمل عل التخلص من استخدام اللغة العربية المنتشرة في بعض انحاء الجنوب من خلال :
أولهما يعقد مؤتمر لغوي في مدينة الرجاف حضر موظفو حكومة السودان المسئولون عن التعليم وقد تم خلاله اختيار عدد من المجموعات اللغوية المحلية ووضع الكتب والمراجع بها .
الثانية باستخدام الإنجليزية محل العربية في المناطق التي لا يعرف موظفوا الحكومة فيها الحديث باللهجة المحلية كما هو حادث بين القوات الاستوائية وقوات البوليس وحيث تكون اللهجة المحلية غير قابلة للاستخدام .
إجراءات فصل الجنوب :-
في يناير / 1929 وجه السكرتير الإداري لحكومة السودان تعليمات إلى مديري المديريات الجنوبية تضمنت الإجراءات التنفيذية للسياسة الهادفة لفصل الجنوب من خلال محورين .
الأول :-
بناء سلسلة من الوحدات العنصرية أو القبلية ذات الهياكل والنظم القائمة على التمايز العنصري والديني على أن يتم ذلك بإبعاد الموظفين المتحدثين بالعربية ولو كانو جنوبيين وجعل الإنجليزية لغة المكاتبات الرسمية بالنسبة للكتبة وجعلها لغة الاوامر العسكرية ... الخ  -  وحصر هجرة التجار الشماليين وتشجيع التجار اليونانيين والسوريين المسيحيين .
الثاني :-
تضمن وسائل قياس التقدم في تنفيذ السياسة المذكورة بإعداد جدول سنوي يوضح في جانب منع عدد المسلمين بالنسبة لمجموع موظفي الحكومة في الجنوب ثم عدد الموظفين البريطانيين الذين أجادو تعلم اللغات المحلية يلي ذلك تطور عدد التجار الشماليين في الجنوب ثم عدد المدارس التنصيرية والأموال التي تنفقها الحكومة على التعليم .
بعد وضع خطة لا لتعريب جنوب السودان في أدق تفاصيلها بقى تنفيذها الذي تطلب أولا مسح الوجود العربي الإسلامي في الجنوب وتضمن الجانب الثاني عملية فصل نشطة خلال السنوات التالية تتمثل في /
زيارة عدد الإرساليات المسيحية في مديريات الجنوب .
إقامة مدرسة التدريب المعلمين أضيف إليها فيما بعد 5 مدارس التعليم و3 مدارس للتعليم على الحرف ومدرستين لتخريج معلمين للتعليم الأولي بخلاف ما يسمى بمدارس الشجرة في القرى يتولى التدريس بها أخد المعلمين من أبناء القرية وكان ذلك من خلال تمويل قدمته الإرسالية الكاثوليكية .
استخدام لهجات الجنوب بعد تحولها إلى لغات مكتوبة مع وضح أسس وقواعد لغات بعض القبائل.
الحصاد المر (1946-1955)
أثناء الحرب العالمية الثانية وبعد إنشاء المجلس الاستشاري لشمال السودان طلب مدير المديرية الاستوائية إعادة النظر في السياسة المتبعة في الجنوب ، في حين أكد مدير المعارف من ذلك ما مؤداه أن سياسة الحكومة في جنوب قد أدت إلى تخلفه إذا ما قورن بالشمال وبعدها في عام 1944 في مذكرة وجهها الحاكم العام بالسودان للسفير البريطاني في القاهرة طالب بضرورة البحث في مصير الجنوب اما بالإندماج في الشمال أو الاندماج في شرق أفريقيا أو دمج بعضه في هذا الجانب ودمج البعض في الجانب الآخر . 
في عام 1946 وبعد إتباع سياسة السودنة تشكلت لجنة للنظر في أمكان تنفيذها في السودنة الجنوب وضعت تقريراً أدانت فيه بشدة سياسة الحكومة الجنوبية وطالبت بإلغاء تصاريح التجارة واتباع سياسة موحدة للتعليم في الشمال والجنوب وتعليم اللغة العربية في مدارس الجنوب وتحسين وسائل الاتصال بين الجانبين وتشجيع انتقال الموظفين بين الشمال والجنوب وتوحيد النظم بينهما الأمر الذي يتطلب البحث في الأسباب التي أدت إلى انقلاب في السياسة البريطانية تجاه جنوب السودان وهو ما شرحه التقرير بالتفصيل .


أسباب انقلاب السياسة البريطانية... يرى د. يونان لبيب في دراسته المشار إليها في أسباب انقلاب السياسة البريطانية ما يلي /
الأول : ما أسماه التقري التحولات الهامة في الجو السياسي للقطر كله . وأخطرها ظهور عدد قليل من الأحزاب السودانية يدعو أغلبها لوحدة وادي النيل وأقلها مثل حزب الأمة الذي تأسس عام 1945 إلى استقلال السودان بكامل حدوده الجغرافية وكان الاستمرار في السياسة القديمة يمد دعاة الاتحاد بحجة قوية لمعاداة الوجود البريطاني ويوقع دعاة الانفصال عن مصر في موقف صعب .
الثاني : ونتج عما اتضح من إخفاق الخطط الخاصة بإنشاء شبكة مواصلات بين شرق أفريقيا وجنوب السودان إذ توقف نجاح هذه الخطط عى الخزان الذي كان مزمعاً إنشاؤه على بحيرة البرت ولم يعد مع ذلك من بر بتوجيه تجارة الجنوب إلى الشمال بعدما اخفق الخيار الأول .
الثالث : وهو سبب تعليمي فقد رأي البريطانيون أن إقامة مدرسة ثانوية في الجنوب يمثل أقصى المتاح ولكن ماذا عن أبناء الجنوب الراغبين في مزيد من التعليم بعد المرحلة الثنوية الإجابة كانت غوردون بالخرطوم وأنه لابد مع هذا الاحتمال تعليم طلاب المرحلة الوسطى وما بعدها اللغة العربية .
وعرض التقرير أخيرا للاختلافات القائمة في الأجور وشروط الخدمة وضرورة استخدام الشماليين في مشاريع التنمية بالجنوب وانتهى إلى القول إن سياسة حكومة السودان قامت على أساس أن الجنوبيين يتميزون بأفريقيتهم وزنجيتهم لكن العوامل الجغرافية والاقتصادية تحتم وحدتهم حتى يستطيعوا الاعتماد على أنفسهم في المستقبل ويكونوا أنداداً متساوين اجتماعيا واقتصاديا مع شركائهم وزملائهم من السودانيون الشماليين .
وكان الأخذ بما جاء في هذا التقرير يعني التخلي عن السياسة الجنوبية القديمة وهو ما حدث أواخر الأربعينات وأوائل الخمسينات وماتبع ذلك من إجراءات أدت إلى انفجار الوضع في الجنوب .
فقد تم بعد عام 1948 تغير ملحوظ في السياسة التعليمية في الجنوب حيث اقيمت أول مدرسة ثانوية وتوقف إرسال طلاب المدارس العليا الجنوبيين إلى كلية أوغندا واستبدال ذلك بالذهاب إلى الخرطوم في نفس الوقت أقرت الجمعية التشريعية خطة السنوات الخمس للتعليم في الجنوب .
وكان هناك بعد ذلك ما ترتب على عقد اتفاقية فبراير 1953 بين مصر وبريطانيا لتقرير مصير السودانيين والتي ترتب عليها نتائج عكسية على الجنوب كان منها غضب الجنوبيين من انه لم يسمع أحد من المتفاوضين لمعرفة آرائهم ثم ما جرى في الانتخابات التي اعقبت المعاهدة من اسراف للوعود التي قطعت لهم سواء من جانب الأحزاب الشمالية أو من جانب المصريين وهي الوعود التي لم يتحقق منها شيء .
ووصلت الشكوك إلى ذروتها عندما بدأ الشماليون عام 1955 في إعادة تنظيم القوات العسكرية وتقرر نقل بعض مجموعات الفرقة الاستوائية إلى الشمال الأمر الذي اتهى بتمرد هؤلاء وهو التمرد الذي كان بداية لتفجر مشكلة الجنوب ثم تحولها بعد ذلك وتحت الحكم العسكري الذي حكم السودان منذ عام 1958 إلى ثورة واسعة وكانت بمثابة الحصاد المر للسياسة الاستعمارية في جنوب السودان .
حركات التمرد في جنوب السودان :
بدأت حركات التمرد الجنوبية ضد الشماليين والحكومة المركزية في أغسطس / 1955 فى مدينة توريت ليصبح نواه لحركة انياينا (1) بمنطقة الاستوائية أي قبيل إعلان استقلال السودان الذي تم في الأول من يناير / 1956 وكان سبب التمرد هو محاولة نقل الفرقة الجنوبية المتمردة من موطنها في الجنوب إلى الشمال والتظلم من الطريقة التي تمت بها سودنة (توطين ) الوظائف القيادية في الخدمة المدنية التي كان حظ الجنوبيين فيها ضئيلاً نسبة لضعف تعليمهم وقلة خبرتهم الإدارية . 
وكانت حركة التمرد الثانية باسم انيانيا (2) في أول الستينيات أثناء حكم الفريق إبراهيم عبود الذي اتبع مركزية عسكرية قابضة في الإدارة وحاول اتباع سياسة تعليمية لأسلمة الجنوب وأبعد المبشرين الأجانب من جنوب السودان لتدخلهم في الأمور السياسية . 
كان هدف حركة انياينا فصل الجنوب عن الشمال واستمر التمرد الذي قاده العقيد جوزيف لافو من أوائل الستينيات إلى عام 1972 حين عقد مع حكومة الرئيس نميري اتفاقية أديس ابابا التي أعطت الجنوب حكماً ذاتياً له حكومته الإقليمية وبرلمانة التشريعي وتوحدت مديرياته الثلاث تحت إدارة واحدة ومارس قدراً من الديموقراطية لم توجد في الشمال تحت كم نميري العسكري -  ويرى البعض ان اناينا (2) تحولت الى الحركة الشعبية وهى حاملة لنفس جينات حركة اناينا ( 1)
وقام التمرد الثالث في مايو 1983 تحت مسمى الحركة الشعبية لتحرير السودان بقيادة العقيد جون قرننق من أبناء الديبكا اكبر قبائل الجنوب بحجة انتهاك الرئيس نميري اتفاقية اديس ابابا حيث أصدر مرسوماً رئاسياً بتقسيم الجنوب إلى ثلاث مديريات وأعلن في سبتمبر 1983 تطبيق قوانين الشريعة الإسلامية دون أن يستثنى منها الجنوب مما ادى الى سخط الجنوبيون وتعد الحركة الشعبية اقوى حركة جنوبية متمردة وقد تمكنت فى بدايه التسعينات الاستيلاء على نحو 80% من مساحة الجنوب واحتلت بعض اجزاء فى شمال السودان ومنها مناطق جبال النوبة والنيل الأزرق ووجدت دعماً إقليمياً ودولياً ضد حكومة البشير واستطاعت أن تجذب مقاتلين معها من المناطق المهمة في الشمال فضلا عن بدايه التنسيق مع القوى المعارضة فى دارفور والشرق .
وكان جارنج يؤكد على اهداف الحركة الشعبية بقيام سودان جديد تحت نظام كونفدرإلى لا تسيطر عليه النخبة العربية الإسلامية التي حكمت السودان منذ الاستقلال وان كان هذا يتباين مع قواعد الحركة الشعبية التى كانت أميل إلى انفصال جنوب السودان .
وبعد مقتل جون قرنق ضعف التمسك بالوحدة لدى قيادات الحركة  - وما زال هناك حركات اخرى جنوبية تعارض حكومة الخرطوم ... ولعبت إلى حد ما دوراً هاماً في مركبته مشكلة الجنوب وهذه الحركات
حزب الأحرار الجنوبي :-
تأسس عام 1954 بعد تكوين لجنة السودنة التي تقلت الإدارة المدنية من البريطانيين والمصريين إلى الوطنيين السودانيين وقد رفض هذا الحزب مشروع السودنة لأنه لم يضم أعضاء من جنوب السودان واعترض على مقرراته .
وكان حزب الأحرار المحرض الأساسي لأحداث دامية شهدها جنوب السودان ويعتبر البيت الذي خرجت منه كل الحركات الجنوبية المقاتلة وبدء من عام 1955 توسع الحزب واستوعب في عضويته الكثير من المثقفين الجنوبيين على الاستقالة من الأحزاب الشمالية ومن أهم شخصيات الحزب إيوت ستالينو من لاتوكه شرق الاستوائية وعبد الرحمن سولي .
حزب سانو :-
بداية تأسيس الحزب كانت في عهد الرئيس إبراهيم عبود (1958-1964) التي اتجهت للحسم العسكري ونشر اللغة العربية والإسلام وكان من نتيجة ذلك إن هاجرت أعداداً من أبناء الجنوب إلى أوغندا وإثيوبيا وكينيا وكون المهاجرون رابطة المسيحيين السوددانيين والاتحاد السوداني الأفريقي الوطني لجنوب السودان المعروف باسم ساكندو حيث كانت الكنائس تؤيد تلك الهيئات وتدعمها لمعارضة الحكم العسكري حتى عام 1963 وتولى وليام دينق سكرتارية حزب ساكندو الذي تغير اسمه عام 1963 إلى حزب سانو وكان نشاطه يقتصر على إرسال العرائض إلى منظمة الوحدة الإفريقية والأمم المتحدة ومختلف المنظمات مستعرضاً لأحداث الجنوب وداعياً لمسعدة الااجئين ومطالباً باستقلال جوب السودان
ولقد انقسم حزب سانو إلى جناحين أحدهما بقيادة وليم دينق وتميل أطروحاته إلى الوحدة والثاني بقيادة أقرى جادين وله ميول انفصاليه وقد تقلص حجم ونفوذ سانو في الجنوب ولم يعد له وجود محسوس في الشارع السياسي الآن .
الحوار لوقف النزاع
اتفاق مشاكوس
واصلت الحكومة السودانية والجيش الشعبى لتحرير السودان محادثاتهما خلال الفترة من 14 اكتوبر حتى 18 نوفمبر 2002 فى مشاكوس ونيروبى بكينيا تحت رعاية الهيئة الافريقية الحكومية للتنمية ( ايغاد) واتفق الطرفان فى مشاكوس على أن تكون اولويتهما هى تحقيق الوحدة من خلال الفترة الانتقالية المنصوص عليها فى الاتفاق واتفق الطرفان على :  -
استنادا الى ما ورد اعلاه توصل الطرفان لاتفاق يتعلق بعدد من السمات المتعلقة ببنية الحكومة ، تشمل تقسيم السلطة والقضاء وحقوق الانسان ويسجل الطرفان انهما تواصلا الى اجراءات تفاهم حول بنية الحكومة وتقاسم الامور المشتركة واتفق الطرفان من حيث المبدأ على النقاط الواردة ادناه لتضمينها اتفاق السلام النهائى
الاعتراف بالسيادة الوطنية للسودان بالاضافة الى حق سكان جنوب السودان وحاجتهم فى التعبيير عن طموحاتهم بالمشاركة فى جميع مستويات الحكم والربط بين مؤسسات الحكم المختلفة .
تطوير العدالة والمساواة بين الناس وحماية حقوق الانسان والحريات الاساسية
اجراء انتخابات عامة نزيهة خلال الفترة الانتقالية
اقامة مجلس تشريعى من شقين وضمان تمثيل عادل لسكان جنوب السودان فيهما
التأمين على مشاركة جميع السودانيين وسكان جنوب السودان فى الخدمة المدنية ومجلس الوزراء ومشاركة الجنوبيين فى المستويات الرفيعة والمتوسطة
اجراء تعداد سكانى خلال الفترة الانتقالية
وضع اسس عامة لتقسيم الثروة والثروات الطبيعية
تأسيس عدد من اللجان المستقلة
وضع اسس عامة للعلاقات بين الحكومات
بصورةعامة فان ما جرى يتطلب مراجعة الدستور وتطبيق اتفاقية السلام
تخصيص حصة من الوظائف للاغلبية فى المناطق المحددة فى مختلف مستويات الحكومة
تأسيس حكومة وحدة وطنية خلال الفترة الانتقالية والقيام بحملة اعلامية فى جميع نحاد السودان للتعبئة لصالح اتفاق مشاكوس
اما النقاط المتبقية التى ما زال الحوار جاريا حولها فى السياق المتعلقة ببنية الحكم التى تقدم بها الوسطاء فيجب ان تشكل نقطة انطلاق الى محادثات مقبلة
التزام الوسطاء بالاستمرار فى البحث للتوصل لاتفاق سلام نهائى وشامل دون تحيز لاى طرف من الاطراف
الالتزام بمواصلة المحادثات فى يناير/ 2003 بروح جديدة ورغبة حسنة بهدف تحقيق المبادىء اعلاه والوصول الى سشلام نهائى وشامل بالسودان فى اقصر وقت ممكن .
اتفق الطرفان كذلك فى وثيقة منفصلة على تمديد مذكرة وقف العدائيات الى 31 مارس 2003 ومواصلة الاجتماعات المجدولة حسب اعمال لجنة مراقة  وقف العدائيات لتطبيق هذا الاتفاق .
اتفاقية نيفاشا  :
في مستهل عام 2005 وضعت الحرب بين الشمال والجنوب اوزارها والتي دامت أكثر من عشرين عاماً بعد توقيع اتفاق نهائي للسلام في نيفاشا في يناير 2005
  حظيت اتفاقية نيفاشا بتأييد كبير من كل القوى السياسية في الشمال والجنوب رغم أنها كانت ثنائية بين المؤتمر الوطني (الحزب الحاكم) والحركة الشعبية وتم اقتسام السلطة على المستوى الاتحادي والإقليمي والولاني لمصلحة الحزبين ولعل السبب في ذلك التأييد هو إيقاف الحرب الدامية بين الشمال والجنوب وأن الاتفاقية كانت شاملة لكافة القضايا المتنازع عليها بين طرفي الوطن
وتتمثل أهم معالم الاتفاقية في إعطاء أهل الجنوب حق تقرير المصير بنهاية الفترة الاتتقالية في 2011 وتمكين الحركة الشعبية من السيطرة تماماً على إدارة الولايات الجنوبية خلال الفترة الانتقالية2005/2011 ومشاركه أبناء الجنوب في الحكومة الاتحادية بنسبة 28% وفي الاتحاد جنوب كردفان النيل الأزرق الشماليتين بنسبة 45%لأن بعض أبناءها كانوا قد حاربوا مع الحركة الشعبية إضافة إلى احتفاظ الحركة الشعبية بمليشياتها المقاتلة إبان الفترة الانتقالية وخروج القوات المسلحة من حدود جنوب السودان كما أعطتهم فرصة أقتسام عائدات البترول من الحقول الموجودة في الجنوب مناصفة بين حكومة الجنوب والحكومة المركزية واستثناء الجنوب من تطبيق قوانين الشريعة الإسلامية وكذلك أبناء الجنوب غير المسلمين في العاصمة القومية وترسيم الحدود بين الشمال والجنوب .
إلا أن الأمر لم يخل من أزمة العلاقة بين الشمال والجنوب في أكتوبر 2007 طالب الجنوب بتطبيق اتفاق السلام بشكل كامل خاصة حقوق جنوب السودان في النفط وترسيم وحسم الخلاف في منطقة أبيي .
... ويبقى السؤال لماذا حدث كل هذا  ؟ ولماذا استمرت مشكلة الجنوب؟
للإجابة على السؤال .. أترك الرأي لرؤية أحد المثقفين السودانيين .
الدكتور / محمد إبراهيم الشوش يرجع أسباب استمرار المشكلة إلى أسباب تعود إلى قصور التنظيمات السياسية في طرحها وبدون برامج ولا أهداف والتناقض بين أهداف التنظيمات السياسية الداعية إلى تطبيق مبادىء التعددية والديموقراطية السياسية والتي تتحالف مع الحركة الشعبية بالرغم من أن هذه الحركة لا تؤمن أصلا بهذه التعددية السياسية ولا تلتزم بالحقوق المدنية .
بينما يرى أحد سفراء ألمانيا السابقين في السودان أن هناك خلافاً  في الأبعاد الثقافية التي تشكل محور التباين بين الشمال والجنوب وهي النظرة للأسرة والمفاهيم الدينية للدولة والإرث الحضاري في البعد التنظيمي والإداري – وهذا التباين فصله على النحو التالى :
-  التعامل مع الجنس حيث وصف أهل الجنوب بأنهم ليبراليون ومنفتحون في التعامل مع الجنس في حين أن أهل الشمال يحيطون أمر الجنس بخصوصية شديدة تتمثل في طقوس الزواج وقلة عدد الزوجات وحصر العلاقة الجنسية في المنزل .
-  أما العامل الثاني فهو المنزل ووصف بأن أهم ما يميز منازل الشماليين الجدر الفاصلة بين الشارع والمنزل واعتبرها من الحرم ووصف الجنوبيين بأنهم يسكنون في عدد من الأكواخ التي يجمع بينها الشارع العام وهو المكان الذي يمارس فيه الجنوبيون حياتهم ولا يدخل أحد إلى الكوخ إلا للنوم .
-  وفي العامل الثالث يصف رؤية الشمالي للدولة بأنها تنطوي على الالتزام والدوران على -  السلطة وضرورة أن يحكم الدين الحياةفي حين أن الجنوبي فوضوي في الأساس ولا يريد الاحتكام إلى السلطة بغض النظر عن تصنيفها مركزية أو محلية أو دينية أو إدارية .
ومن الثابت أن البعد الثقافي يعتبر أمراً مهما ً في تشكيل الوحدة الوطنية والانصهار الاجتماعي وهو الحاجز الذي وضعه الاستعمار حتى يباعد بين الشمال والجنوب وهذا ما يلزم تداركه لأن التظلمات الجنوبية فيما يتصل بتوزيع أما الأسباب الأخرى للخلاف فيرى السياسي السوداني المعروف أبو القاسم حاج حمد أنه إلى جانب التأثير الأجنبي والذي يعتبره أهم عناصر الخلاف فإن متعلمي الجنوب هم القوى المستعصية على مجريات الحوار والوفاق الراهن وأنهم أي متعلمي الجنوب لهم تأقير إقليمي ودولي وبالذات في الأوساط الأكاديميــة
وورش العمل الغربية التي تشكل مرتكزات اتخاذ القرار السياسي أو على الأقل تكييفه ويرى بعض السياسيين أن الأحزاب والفعاليات والسياسة التي تعاقبت على حكم السودان عجزت عن معالجة أوضاع البلاد وتركت قضية الجنوب بدون حل ناجع وأن قصور التنظيمات السياسية امتد ليشمل الفشل في معالجة مشكلات السودان الرئيسية خاصة قضايا التنمية وبسط الحريات وتحقيق العدالة الاجتماعية ولم تحزم هذه التنظيمات أمر السودان وتسير وفق برنامج وطني ، بل تركت الحبل على الغارب ووجد الأعداء وأصحاب المخططات الأجنبية الفرصة سانحة لتفكيك أوصال البلاد وتوجيه مسارها وهناك من لجأ إلى الأجنبي للتدخل في حل قضايا السودان .
... ثم ماذا لو حدث الانفصال /
يقول الدكتور آدم محمد آدم في دراسة له بعنوان " الآثار السياسية المترتبة على انفصال جنوب السودان "
أولى تلك المشكلات هي تفتيت السودان حيث أن انفصال الجنوب سيؤدي إلى تصعيد بعض النزاعات المسلحة الموجودة بالفعل في السودان ومطالبتها بالانفصال حيث أن نجاح الجنوب في الانفصال سيزيد من جرأة أقاليم أخرى لتنتهج مسار الجنوب ويساعدها على ذلك هشاشة الوضع في السودان .
حدوث اضطرابات داخلية في الشمال قد تعطي لبعض القوى حافزا لتصعيد الصراع مع الخرطوم أو استخدام ذلك كورقة ضبط لتحقيق مكاسب أكبر .
في حين من وجهة نظري ان الأمر لن يتوقف عند فصل الجنوب ... فقد تستيقظ يوماعلى أربع دول فيما كان يسمى بالسودان (الجنوب / الغرب( دارفور وكردافان) الشمال / الشرق 

وهو أمر لا نأمله مطلقاً ... ثم السؤال الحائز هل يمكن للجنوب أن يكون مستقراً؟
... الدلائل تشير إلى عدم توافر عناصر الاستقرار في الجنوب حال الانفصال وهذا لأسباب قد يختلف بشأنها ... وأهم هذه الأسباب التعدد العرقي في جنوب السودان وقد سبق ذكره في الدراسة فهذا التعدد في الجنوب يدفع بوتيرة النعرات العراقية ويقوى من دعاوي أفضلية عرق على آخر قد تدفع بالجنوب إلى الاقتتال خاصة إذا نجح عرق بعينه من الاستثئار بالسلطة والثروة على حساب باقي الأعراق وهو أمر وارد في السودان وبدت ملامحه في الظهور في شكل قيام بعض القبائل المهمشة في حمل السلاح في مواجهة أبناء القبائل المسيطرة (الدينكا / النوير / الشلك ) .
وعلى الرغم من نجاح بعض الدول مواجهة مشكلة التعدد العرقي كماليزيا التي تعتبر نموذجاً بين دول العالم التالت في خلق بيئة سوية بين أعراقها فإن الأمر يختلف في جنوب السودان التي يفتقر قادته إلى الحنكة السياسية ومقومات  القيادة الواعية والتي ما زاالت عند الحد الأدنى من الخبرة والتحربة .
- وجود قوى معارضة مناوئة على خطوط التماس مع الجنوب كجيش الرب الذي يحارب نظام موسيغيى في أوغندا فضلا عن شرادم معارضة في شمال كينيا وشرق أفريقيا الوسطى بخلاف حالة الاستقرار الذي تشهده الكونغو وهذا يعني أن الدولة الوليدة ستكون في قلب صراعات لن تنتهي .
الفساد المشتري في بعض قيادات الحركة
محاولة قيادات الحركة الاستنثار بالسلطة باعتبارها طليعة النضال ضد تسلط الشمال مما يوغر صدر القبائل الأخرى ضدها وهو أحد الأساب التي لطالما ركز عليها قادة الحركة الشعبية في مواجهة القيادات الشمالية .
ضعف البني التحتية في الجنوب وعدم توافر ما يسمى برأس المال الاجتماعي (مستشفيات ـ مدارس ـ طرق ـ شبكات مياه وصرف ـ خطوط كهربائية) .
ارتفاع تكلفة المبادلات الخارجية نظراً لأن الجنوب السوداني من المناطق المغلقة التي لا تطل على موانىء بحرية يمكن من خلال تصدير المنتجات خاصة البترول والمواد الأولية أو استيراد احتياجات الدولة من السلع والمواد الغذائية والمصنوعة والمعدات ووسائل النقل.
الافتقار إلى الكوادر الفنية اللازمة لمواجهة احتياجات بناء الدولة (مدرسون / أطباء / صيادلة الخ) وهل تستطيع الدولة الوليدة في حالة الانفصال توفير فرص العمل لابنائها العاملين في الشمال في ظل وجود بطالة  بينهم حتى في مدن الجنوب .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق