الاثنين، 16 ديسمبر 2019

بحث شامل كامل موضوع يوم اليتيم


يــــوم اليتيم

اليتم في اللغة؛ هو الانفراد. فمن فقد أباه في الناس فهو يتيم، ولا يقال لمن فقد أمه يتيم؛ بل منقطع. اما من فقد أباه وأمه معاً؛ فهو (لطيم). وهذا التدرج في وصف الانفراد الذي هو اليتم؛ من اجل دلائل البلاغة في اللغة العربية؛ التي لا تجاريها فيها أي لغة أخرى. لأن لفظ (يتيم)؛ أخف وقعا على السمع من لفظ (منقطع)، لأنه يعبر عن حالة اخف من اخرى؛ كما ان (يتيم ومنقطع) أخف من (لطيم)؛ فماذا يعني (الانقطاع واللطم) إذن..؟
الانقطاع هو الانقسام والانفصال والفرقة. ولاشك ان من فقد أمه؛ فإن بؤسه اشد من فقده لوالده؛ ذلك ان دور الام؛ يفوق دور الأب في الحضانة والرعاية، وهذا يفسره قول الرسول صلى الله عليه وسلم: (.. أمك ثم أمك ثم أمك؛ ثم أبوك).
أما (اللطم)؛ فهو ضرب الخد والوجه حتى تتضح الحمرة، وفي هذا تعبير عن الحسرة واليأس وعمق الجراح، نتيجة فقد الأب والأم معا. وهذه حالة اعظم من اليتم بفقد الأب؛ والانقطاع بفقد الأم.
إن الولد لا يدعى يتيما بعد بلوغه ومقدرته على الاعتماد على نفسه، اما الجارية فهي يتيمة حتى يبنى بها. قال تعالى: (وآتوا اليتامى أموالهم). هذا؛ إذا آنستم منهم رشدا. وقد تلازمهما التسمية بعد ذلك (مجازا)، فالرسول صلى الله عليه وسلم ظل يسمى يتيم أبي طالب، لأنه رباه.
وصورة اليتم في المجتمع؛ مكونة رئيسة في نسيجه العام منذ ان خلق الله الخلق، لأن النوازل والفواجع تَكِرّ كر الليالي والأيام ولا تتوف، وما يخفف من قسوة الحالة وبشاعة الصورة؛ هو ذلك التكافل الاجتماعي التعاوني، الذي أرست قواعده الشريعة الاسلامية السمحة؛ فجاء تعزيز الأمر برعاية اليتامى وحفظ حقوقهم المشروعة؛ وتربيتهم وتهيئتهم للحياة؛ في القرآن الكريم في (23) مرة بلفظ؛ (اليتم واليتيم واليتيمة والأيتام واليتامى). في (23) آية قرآنية. وتكرر ذكر ذلك في الحديث النبوي الشريف مرات كثيرة.
وما دام اليتم بهذه الصورة؛ ومكانته في المجتمع معروفة؛ فهذا المجتمع نفسه؛ يتحمل المسؤولية كاملة؛ بأن يتضامن ابناؤه ويتعاضدوا فيما بينهم، افرادا وجماعات، حكاما او محكومين؛ على اتخاذ كافة المواقف الايجابية التي تكفل رعاية الأيتام، بدافع من شعور وجداني عميق، ينبع من أصل العقيدة الاسلامية، ليعيش اليتيم في كفالة الجماعة، وتعيش الجماعة بمؤازرة هذا اليتيم؛ المنسجم معها في سيرها نحو تحقيق مجتمع افضل.
إن وسائل التكافل الاجتماعي كثيرة، على ان اهمها علي الاطلاق؛ هو الإنفاق في وجوه الخير، فالشريعة الاسلامية حثت على هذه الخيرية؛ وحذرت من الشح والبخل، وجعلت في أموال الموسرين والأغنياء حقا معلوما للفقراء واليتامى والمساكين.
فالرسول صلى الله عليه وسلم؛ حض على كفالة اليتيم، وأمر بوجوب رعايته، وبشر كفلاء اليتيم؛ أنهم ان احسنوا الى اليتامى؛ سيكونون معه في الجنة. عن سهل بن سعد رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (أنا وكافل اليتيم في الجنة هكذا.. وأشار بالسبابة والوسطى، وفرق بينهما) رواه البخاري.
وروى الإمام احمد وابن حبان، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (من وضع يده على رأس يتيم رحمة به؛ كتب الله له بكل شعرة مرت على يده حسنة).
ورعاية الأيتام واجبة في الأصل على ذوي الأرحام والاقارب، اما الدولة؛ فإنها لا تلجأ الى الرعاية إلا عند الحاجة.
وقد درج المسلمون منذ عهودهم الاولى؛ على افتتاح الدور لرعاية الأيتام، لتتولى المؤسسات الاسلامية العامة والخاصة؛ تربية الأيتام ورعايتهم والإنفاق عليهم، ومساعدتهم على النمو الطبيعي، والحياة الإيجابية في المجتمع.
وفي بلادنا الحبيبة؛ امتثال لهذا الواجب الرباني، وتمثيل حي لما أمر به المصطفى صلى الله عليه وسلم، ولما اخذ به الخلفاء والصحابة رضوان الله عليهم اجمعين، وما سار عليه أتباعهم من بعدهم عبر مئات السنين، من كفالة اسرية اجتماعية (مؤسساتية) للأيتام؛ كانت وما زالت من علامات التحضر والتمدن في المجتمعات الاسلامية. فيوجد دور كثيرة لرعاية الايتام في مناطق ومدن المملكة، تشرف عليها الدولة، واخرى اهلية تقوم على خيرية المحسنين الموسرين، الذين اعطاهم الله وأغناهم؛ ولكن جعل في اموالهم هذه؛ حقوقا متوجبة الأداء للسائلين والمحرومين والمقطوعين واليتامى.
وابناء المملكة على العموم؛ ضربوا اروع الامثلة في هذا المجال الخيري؛ فهم في كل ميدان يقرب الى الله؛ لهم سهم نافذ؛ وقدح معلى، وحصتهم اكبر، فعموا بفضلهم من هم في حاجة إليه، سواء في داخل المملكة أم خارجها.
يقولون في كمبوديا: بأن يتيم الأب أشبه بالبيت بلا سقف. ولكن مجتمعنا العربي المسلم والحمد لله؛ هو السقف الذي يظلل الأيتام في بلادنا. وشاعرنا المتنبي يقول في هذا: وأحسن وجه في الورى وجه محسن .. وأيمن كف فيهمُ كف منعم
اليتيم عن أبي الدّرداء رضي الله عنه قال: أتى النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم رجلٌ يشكو قسوة قلبه، قال:" أتحبّ أن يلين قلبك وتدرك حاجتك؟ ارحم اليتيم وامسح رأسه وأطعمه من طعامك يلن قلبك وتدرك حاجتك". يعرّف اليتيم بأنّه من توفّي والده وهو صغير لم يبلغ الحلم بعد، حيث يظلّ يوصف باليتيم إلى أن يبلغ ويكبر، وهناك أيضاً مصطلح آخر وهو الّلطيم، ويطلق على من فقد والديه الاثنين، ويمكن القول أنّ كلّ لطيم يتيم، وليس كلّ يتيم لطيماً. واليتيم شخص له احترامه في كافّة مناطق العالم، لأنّه عانى من فقدان والده الذي يعتبر سنده في الحياة، وفقدان الوالد في الصّغر من أصعب الأمور وأشقّها على نفس الإنسان، فالأب هو المُعيل، والمربّي، والصّديق، والملجأ، ومنبع الحنان كلّه، لهذا فقد أوجبت الإنسانيّة والأديان السّماويّة احترام الأيتام والعطف عليهم، ومراعاتهم إلى أن يكبروا ويصبحوا قادرين على الاعتماد على أنفسهم، فالصّغير يكون بحاجة ماسّة إلى العون والدّعم النّفسيّ قبل المادّيّ كي يكمل حياته بشكل طبيعيّ، فلا تصير ذكريات طفولتهم عبئاً على ذاكرتهم عندما يتقدّم بهم العمر، ومن الجدير ذكره أنّ نسبة عدد الأطفال الأيتام إلى إجمال عدد الأطفال في العالم يقدّر بحوالي سبعة بالمئة تقريباً، ومن هنا فإنّ العمل الخيريّ مفتوح لجميع الأشخاص القادرين على ذلك.
يوم اليتيم
يُعرف يوم اليتيم بأنّه ذلك اليوم الذي تمّ تخصيصه للاحتفال باليتيم، حيث يتمّ الاحتفال به في أوّل جمعة من جمع شهر أبريل، وقد انطلق يوم اليتيم كفكرة من أحد المتطوّعين في جمعيّة خيريّة في مدينة القاهرة عاصمة مصر في العام ألفين وأربعة للميلاد، وذلك من خلال تخصيص يوم من أيّام العام كاملاً لغاية التّخفيف عن الأيتام الذين يعانون مرَّ الوحدة وقسوتها، والذي لا يجدون لهم ملاذاً ولا مُعيناً، ممّا جعلهم يعيشون في ظروف قاسية وصعبة. أخذت دار الأيتام هذه الفكرة عن من هذا المتطوّع، واحتفل في بداية الأمر خمسة آلاف طفل يتيم، وقد نالت الفكرة الدّعم الكامل من شخصيّات عامّة، ومن جهات حكوميّة، ومؤسّسات رسميّة، وبعد أن ازدهرت الفكرة ونمت، تمّ عرضها على المؤتمر الذي تعقده وزراء الشّؤون الاجتماعيّة من مختلف الأقطار العربيّة، وذلك لتعميمه على باقي الدّول العربيّة، هذا وتتنافس المنظّمات الخيريّة المختلفة ودور الأيتام في الاحتفال بهذا اليوم الرّائع الذي يُدخل البهجة والسّرور على نفس اليتيم، ممّا يجعل هذا اليوم عملاً خيريّاً عظيماً عند الله تعالى.
في أوّل جمعةٍ من شهر نيسان من كلّ عام يحتفل العالم بيوم اليتيم؛ حيث خُصص هذا اليوم في عددٍ من الدول للفت نظر المجتمعات للاهتمام بالأيتام ورعايتهم، فاليتيم هو أولى الناس بالرعاية والحماية، وقد أوصى الله سبحانه وتعالى عباده بالعطف على الأيتام ورعايتهم، وعدم ظلمهم وتجنّب التعدّي على حقوقهم أو نهرهم، حيث يقول الله سبحانه وتعالى في محكم التنزيل: (فَأَمَّا الْيَتِيمَ فَلا تَقْهَرْ) {الضحى:99}، وفي هذه الآية الكريمة إشارةٌ واضحةٌ إلى ضرورة عدم قهر اليتيم أو إيقاع الظّلم عليه. جاءت فكرة الاحتفال بيوم اليتيم، كفكرةٍ إنسانيةٍ عظيمةٍ، فتخصيص يومٍ لليتيم وإشعاره بالاهتمام يعدّ من أرقى الأعمال التي تستوجب الرعاية والاستمرار، وقد نُفّذت هذه الفكرة ودُعمت من قبل جمعية الأورمان الخيريّة، التي مقرّها العاصمة المصرية القاهرة، حيث أُعلن لأول مرةٍ عن يوم اليتيم في عام ألفين وأربعة؛ حيث خُصّص هذا اليوم للترفيه عن الأيتام، وإشعارهم بأنّهم محطّ رعاية المجتمع والناس، لتخفيف جزءٍ صغيرٍ من شعورهم بالفقد والوحدة على وفاة الأب أو الأم، وفي أوّل احتفالٍ أُقيم بهذه المناسبة تمّ الاحتفال بحوالي خمسة آلاف يتيم؛ حيث حضر هذا الاحتفال عددٌ من كبار الشخصيات. على الرغم من تخصيص يومٍ للاحتفال باليتيم، إلا أنّ واجب رعاية الأيتام وحمايتهم وتحسين ظروف معيشتهم لا يقتصر على يومٍ واحدٍ فقط، بل يجب أن تظلّ هذه الجهود متواصلةً حتّى يبلغ اليتيم سنّ الرشد، ويعتمد على نفسه، كي لا يشعر بالنقص أبداً، خصوصاً النقص العاطفيّ، ونقص المشاعر والحنان الناتج عن اليتم. يقول الرسول عليه الصلاة والسلام :(أنا وكافل اليتيم في الجنة هكذا، وأشارة للسبابة والوسطى وفرج بينهما)، فقد وعد الله ورسوله كافل اليتيم بالجنة، بجوار سيد الخلق محمد -عليه الصلاة والسلام-، حتى أنّ المسحة على رأس اليتيمِ تعدّ سبباً لكسب الحسنات الكثيرة، وبابٌ من أبواب الأجر، وسببٌ لدخول الجنة، والفوز برضى الله سبحانه وتعالى. تتعدّد صور الإحسان إلى اليتيم، منها: التربية، والتعليم، والتعزيز في المجتمع، وتقديم النصح والإرشاد له، والإمساك بيده لتخطّي مصاعب الحياة وقساوتها، فاليتيم الذي يفقد أحد أبويه أو كليهما يشعر بكسرٍ في قلبه، ويحتاج إلى من يجبر هذا الكسر، ويفتقد للحنان والحب، وتقع المسؤولية على كلّ من حوله؛ لتعويض هذا النقص الكبير، ومحاولة سدّ ولو جزءٍ صغيرٍ من هذا الفراغ. على الرغم من أنّ مرارة اليتم لا يمكن أن تزول، إلا أنّ الاحتفال بيوم اليتيم يُعتبر خطوةً رائعةً تفتح الآفاق لتقديم الرعاية للأيتام وكفالتهم بشكلٍ منظم، ودون جرح مشاعرهم أو استفزازها.
لكل منّا في هذه الدنيا نصيبه وحظه منها، فهناك من منّ الله عليه وأعطاه كل شيء من النعم المال والأهل والحياة السعيدة، وهناك من حرمه الله من شيء يعزّ عليه كثيراً ليبتليه، لكن إن صبر على ابتلائه سبحانه كافئه الله بالكثير الكثير من نعمه وجنته. فبعض النّاس من حرمهم من نعمة الأبوّة، فحرم من العيش في ظل والده لكن الإسلام لم يغفل عن ذكره في شريعته والحرص عليه، فمن هو اليتيم؟ اليتيم هو من فقد أباه قبل أن يبلغ سن الحلم والبلوغ، فإذا بلغ الحلم زال عنه هذا اللّقب. واليتم لغة تعني الانفراد، فمن عاش وكبر بدون أب فهو يتيم. والسبب في تسميته بهذا الاسم أن الإنسان يفقد من يعتني به ويكفله في مرحلة الصغر حين يكون في أشدّ الحاجة لمن يأويه ويعتني به ويرعاه. أما في البهائم فمن فقد أمه هو اليتيم، ويطلق على من فقد أباه وأمّه معاً “لطيم”، أمّا فقد أمّه دون أبيه فهو “العَجيّ”. بغض النظر عن المسميّات فإن من فقد أباه أو أمّه أو الاثنين معاً في صغره فهو شخص بحاجة إلى رعاية وحنان من حوله ليعوضوه عن خسارته الكبيرة في هذه الحياة.
لقد حرصت شريعتنا الإسلامية على الإهتمام باليتيم وحقوقه ورعايته، فقد ورد ذكر اليتيم في القرآن اثنين وعشرين مرّة، كانت في مواقع تعرض الرحمة الإلهية بهذا الإنسان وإيصاءالنّاس به، وفي مواقع أخرى كانت تعرض لبيان حقوقه الاجتماعية والمالية في المجتمع حتى لا يظلم؛ يقول سبحانه وتعالى في كتابه العزيز: “وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَ بَنِي إِسْرَائِيلَ لا تَعْبُدُونَ إِلاَّ اللهَ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَذِي الْقُرْبَىٰ وَالْيَتَامَىٰ وَالْمَسَاكِينِ وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْنًا وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ”. (سورة البقرة: 83) فمن مظاهر العناية الإلهية باليتيم إيصاء النّاس به، واعتبار رعاية اليتيم من أعمال الإحسان التي يقوم بها المسلم، وشدّد على أهميّة معاملته بالحسنى وعدم التعدّي على حقوقه والحفاظ عليها. ولنا في قصص القرآن الكريم أكثر العبرات في ذلك، منها قصة سيّدنا موسى مع الخضر الذي أصلح جداراً لغلامين يتيمين على الرّغم من أنّ أهل القرية لم يكرموهما، وذلك لأنّ والدهما كان رجلاً صالحاً، وقد تعجب سيدنا موسى من حكمة الله تعالى ورحمته فيهما؛ قال تعالى: “وَأَمَّا الجِدَارُ فَكَانَ لِغُلامَيْنِ يَتِيمَيْنِ فِي المَدِينَةِ وَكَانَ تَحْتَهُ كَنزٌ لَّهُمَا وَكَانَ أَبُوهُمَا صَالِحًا فَأَرَادَ رَبُّكَ أَن يَبْلُغَا أَشُدَّهُمَا وَيَسْتَخْرِجَا كَنزَهُمَا رَحْمَةً مِّن رَّبِّكَ وَمَا فَعَلْتُهُ عَنْ أَمْرِي). (سورة الكهف: 82) أمّا حقوقه الإجتماعيّة فقد حرص الله سبحانه وتعالى عليها كل الحرص؛ فاليتيم إنسان مستضعف يستقوي عليه الأقوياء والظالمين؛ ولذلك فإنّ ديننا دين العدل والمساواة خصّه بحقوق اجتماعيّة له لا لغيره. فمن هذه الحقوق أوّلاً إيواء اليتيم بقوله سبحانه وتعالى: “أَلَمْ يَجِدْكَ يَتِيمًا فَآوَىٰ”، فالإنسان يحتاج إلى مكان يأويه، مكان يحصل فيه على حنان وصدر حنون يغمره وبيت يشعر بالراحة والألفة فيه. قال رسول الله – صلّى الله عليه وسلم -: “خير بيت من المسلمين بيت فيه يتيم يحسن إليه ، وشر بيت من المسلمين بيت فيه يتيم يساء إليه”. كما أنّ من حقوقه الاجتماعية الإنفاق عليه؛ قال تعالى: “وَوَجَدَكَ عَائِلاً فَأَغْنَىٰ”، فهو صغير مسكين لا يملك من ينفق عليه، يحتاج لمن يطعمه ويكسوه. ومن حقوقه أيضا حقه في التربية؛ قال تعالى: “وَوَجَدَكَ ضَالاًّ فَهَدَىٰ”، فله حقه في التربية والهداية. ومن حقوقه أيضا الرفق به؛ قال تعالى: “فَأَمَّا الْيَتِيمَ فَلا تَقْهَرْ”، فالرفق به وعدم قهره والنهر به وإذلاله هو حق من حقوق اليتيم، فيكفيه ما يشعر به من فقده لأبيه.
كما أنّ الإسلام حرص في تشريعه على ترسيخ حقوقه الماليّة حتى لا تضيع هباء منثوراً في ظل الإستقواء عليه لضعفه وقلّة حيلته. فالإسلام حضّ على رعاية مال اليتيم سواء أكان ميراثاً أو هبة، وعدم الإعتداء عليها. فعلى كافل اليتيم الإستعفاف وعلى كافل الفقير أن ينفق عليه بالمعروف حتى ينالوا جزاء كافل اليتيم ولا يحلّ عليهم غضب الله ولعنته. كما أنّ الإسلام حدّد للوصاية المالية على مال اليتيم وقتاً محدّداً وذلك يبلغ سن البلوغ والرشد، حتى يكون قادراً على استلام أمواله وإدارتها. كما أنّه لم يمانع من التجارة بمال اليتيم للحرص عليها وعدم ضياعها، لكنه حصر ذلك بالإحسان؛ يقول تعالى: “وَلا تَقْرَبُوا مَالَ الْيَتِيمِ إِلاَّ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ” (سورة الإسراء: 34). وقد حذّر الله سبحانه وتعالى من أكل مال اليتيم فيقول: “إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَىٰ ظُلْمًا إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَارًا وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيرًا”. (سورة النساء: 10) إنّ الإسلام حرص على اليتيم وجعل جزاء كافله قربه من الرسول “صلّى الله عليه وسلم” وحبّه له، يقول رسولنا الكريم: “أَنَا وَكَافِلُ الْيَتِيمِ فِي الْجَنَّةِ هَكَذَا، وَأَشَارَ بِالسَّبَّابَةِ وَالْوُسْطَى وَفَرَّجَ بَيْنَهُمَا شَيْئًا” رواه البخاري. وقد كان خاتم الأنبياء يتيماً لكن الله سبحانه وتعالى تكفله من عنده ومنً عليه بالرسالة وعوّضه عن فقده، فالله رحيم بعباده ولا ينسى أحداً .
الخاتمة :-
وفي نهاية عرضي لهذا الموضوع ارجو من الله عز وجل ان اكون قد وفقت في عرضي بالشكل الائق الذي ترضون عنة والا اكون قد اغفلت شيئا هاما لايظهر بالشكل المطلوب او يغطى كل جوانبة الهامة. وان كنت قد وفقت فالحمد لله رب العالمين وان كنت قد قصرت فالكمال لله وحدة والشكر والدعاء لمن ساهم معي في تناول هذا الموضوع وارجوا الا احرم جزاء المجتهدين..

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق